أخبار محلية

رعية مار الياس المخلصية احيت ذكرى اعلان الأب بشارة ابو مراد مكرماً المطران ابراهيم: القديس هو كنيسة مصغّرة يلجأ اليها الناس

رعية مار الياس المخلصية احيت ذكرى اعلان الأب بشارة ابو مراد مكرماً

المطران ابراهيم: القديس هو كنيسة مصغّرة يلجأ اليها الناس

احتفلت رعية مار الياس المخلصية في زحلة بذكرى اعلان ابنها الأب بشارة ابو مراد المخلصي مكرّماً وذلك في قداس احتفالي ترأسه رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بمشاركة رئيس الدير الأرشمندريت نقولا الصغبيني، الآباء توفيق عيد وشربل راشد بحضور حشد كبير من ابناء الرعية المؤمنين، يتقدمهم مدير عام وزارة الزراعة المهندس لويس لحود.

بعد الإنيل المقدس تحدث المطران ابراهيم عن حياة الأب بشارة ومسيرة القداسة فقال:

” الأب نقولا رئيس هذا الدير العريق في زحلة وبالدور الروحي الذي لعبه آباء الرهبانية المخلصية في خدمة مار الياس المخلصية في زحلة وخدمة الأبرشية بشكل عام.

اخواتي الراهبات، الأب شربل والأب توفيق، سعادة المدير العام لويس لحود والخاضرون جميعاً.

اجتمعنا اليوم لكي نتأمل بسيرة حياة كاهن قديس من هذا الحي وهذه المدينة، هو بذاته لبّى الدعوة من دون اي تردد، على مائدة الرب في خدمة دامت مدى الحياة، الى آخر لحظة من عمره.

ماذا يعني ان يصبح الإنسان قديساَ؟ يعني ان يعجن كالخبز او العجين ويخبز ويقدم على مائدة الناس، مائدة همومهم ومشاكلهم،مائدة عطشهم وجوعهم الروحي ويتحول هو الى مائدة تتم الدعوة للجميع لكي يأتوا ويتغذوا منها . لا يعود هو مدعواً كالباقين ، القديس يصير هو مائدة والداعي هو الرب، والناس تأخذ من هذا النبع الذي يعطي دون اي مقابل، يعطي بكرم، يتحول القديس الى ماء تعطي الحياة، تحيي على مثال الماء الذي تكلم عنه يسوع المسيح ” من شرب منه لا يعود يعطش ابداً “. هذا الماء الذي ينبع من روح الله، من قدسية الله يجعل من القديس انجيلاً مفتوحاً، يتحول الى قلم او ريشة تكتب الأعمال المجيدة، البسيطة والمتواضعة، لكن تكتب التاريخ تاريخ الكنيسة العريق بالقداسة.”

واضاف ” القديس هو قلم، هو صفحة بيضاء، هو مائدة مفتوحة للجميع، هو كنيسة مصغرة يلجأ اليها الناس، وكلما التقوا به يكونون في قداس، في غذاء روحي، في مناولة وترنيمة. القديس يسعى الى بناء الإنسان لأن الله لا يحتاج الى بناء يكمّله وهو الكمال بذاته،لكن الإنسان يحتاج الى ان يُبنى كل يوم بشكل اضافي متجدد لكي يصير على مستوى احلامه الروحية، ليتقدس هو بدوره. القديس لا يرتاح لا ينام. القديس يحلم وهو بكامل اليقظة بأن الحاضر هو لله كما كان الماضي وكما يجب ان يكون المستقبل. يختصر زمانه الخاص بذاته، لا يعود مرتبطاً بالأشياء التي يمكن ان تؤخره عن مسيرة قداسته، يضحّي دون ملل، يصلّي دون توقف. حياة القديسين امر يستحق التأمل الدائم لكي نقتدي بمثلهم ونتشجع ونتغذى من روحهم ومن شفاعتهم نحصل على عمق الإيمان وعلى صنع المعجزات في حياتنا الشخصية. والمعجزات ليست بالضرورة اشياء كبيرة، المعجزة هي ان تتبسم وانت تعب، ان تعطي وانت فارغ اليدين، ان تحنّ وانت تتألم من قساوة الآخرين. القداسة اي ان تمد جسراً بينك وبين الآخر، جسراً روحياً يعبر عليه الى الأفضل. من يقوا ان الأب بشارة هذا القديس المتواضع استطاع بناء كنيسة؟ تصرف ببساطة كرجال الأعمال لكنه حقق نتائج كبيرة. ليس بالضرورة بناء كاتدرائيات كبيرة ومراكز لكي نتقدس،وهذا لا يمنع انه بامكاننا ان نتقدس فيهم ايضاً لكن الأهم هو ان نصبح نحن صرحاً الهياً مصغراً كيفما مشينا واينما حللنا،نصبح كتباً يقرأ، جوقة ترنّم، صلاة تتلى، هذه هي القداسة. لا احد يقول انه من الصعب عليه ان يصبح قديساً. صوّروا لنا القداسة على انه صنع المستحيلات، لكن في الحقيقة كما قالت القديسة تيريزا الطفل يسوع ” القداسة هي ان نتم الأعمال الوضيعة والصغيرة بثقة وبصدق.” وكلنا لدينا اشياء صغيرة علينا ان نتممها بشفافية وبصدق وبمحبة كبيرة وهذا يعني ان طريق القداسة مفتوحة لنا جميعاً كي نصير نحن ايضاً مكرّمون من قبل الله على مثال قديسنا المكرّم الأب بشارة ابو مراد. منذ طفولتنا احياناً احلامنا لا تطابق الواقع، وكلما كبرنا كلما رأينا ان واقعنا يرسمه الله وليس نحن.في ضيعتنا الصغيرة وفي حيّنا الصغير لم اكون لأتصور انه من منزلين متجاورين، انا والأب نقولا والأب جوزف ثلاثة كهنة اعطاهم هذا الحي الصغير، كهنة يكرسون حياتهم للخدمة. الأشياء الواقعية في حياتنا ليس من اختصاصنا ان نصفها او نحددها بأنها هي يد الله. والأب بشارة ابو مراد كان بالتأكيد شاطراً في الحساب والرياضيات لماذا؟ الشطارة في الحساب ليست بالضورة حل عمليات حسابية معقدة لكن ان نقوم بحساب دقيق في ما يختص بحياتنا الروحية، نعرف ان نرسم الطريق ونعد الدرجات ومعرفة كيفية تقديم الذات وبأي حد لأجل الآخرين وبالتالي لأجل ذاتنا لأننا لو ربحنا العالم وكله وخسرنا ذاتنا لا نكون قد فعلنا شيئاً. ابونا بشارة لم يخسر ذاته كما يتصور البعض، اي انه لم يهتم بنفسه بل بالناس. القديس يهتم بذاته كما يهتم بالآخرين وكلما اهتم بالآخرين كلما اصبح لديه الوعي بأنه يجب ان يهتم اكثر بذاته.”

وتابع سيادته ” قوة الغرب ربما، بالمقارنة معنا نحن الشرقيين هو اننا نعتبر ان الأخلاق والنجاح والثقافة تقوم بإلغاء الذات وانجاح الآخر، لكن في الغرب هناك توازن واتزان بين بناء الذات وبناء الآخرين، واحياناً الإنسان يعلي شأن ذاته، يرفع من معنوياته، يعرف انه لديه كرامة ليست لها حدوداً، ويعرف ان قيمته ليس لها ثمن عند ربنا، لذلك يرى نفسه كقيمة لا حدود لها، اما نحناحياناً نقف امام المرآة ونقول ان الإنسحاق هو الغاء للذات وهو فعلياً ليس كذلك.

ابونا بشارة لم يلغِ ذاته، اهتم بالآخرين، وكلما تأمل بقيمة الآخر، ازدادت في عينه قيمته الشخصية لذلك لم يسمح لذاته ان يهين نفسه فالقديس يحترم ذاته ويقدّر ذاته، هذه ليست انانية، الأنانية هي ان نلغي الذات أحياناً وكأنها شيء لا قيمة له.”

وختم المطران ابراهيم” احب دائماً القداديس المسائية، اشعر ان الجماعة المسيحية الأولى تجتمع من جديد كما في صلاة الغروب ” ايها النور البهي، نور المجد المقدس، مجد الآب الذي لا يغيب” ” ها قد بلغنا نور المساء” نور يسوع المسيح الذي يحل كلما زادت الظلمة علينا، وهذا ينطبق على وضعنا في هذا الوطن المتألم لبنان، ربما نكون في نكبة لكن هذه النكبة تزيد من حضور الله فينا، لأنه حيثما تحل الخطيئة وتكثر هناك ايضاً تكثر النِعَم. مهم جداً ان نشعر بهذا الشيء لأنه الواقع الحقيقي.

اسأل الرب ان يبارككم وان يكون حاضراً في حياة كل واحد منكم ويزينها بالنور والإيمان والإلتزام الشخصي وخدمة الآخرين. آمين.”

وفي نهاية القداس كانت كلمة شكر من كاهن الرعية الأرشمندريت نقولا الصغبيني الذي قدّى الى سيادته غرسة زيتون عربون محبة، وعلى حد قول المزمور ” بَنُوكَ مِثْلُ غُرُوسِ الزَّيْتُونِ حَوْلَ مَائِدَتِكَ. ” هكذا ابناء رعية مار الياس هم كغصون الزيتون يلتفون حول راعيهم.

المطران ابراهيم شكر الأرشمندريت الصغبيني على الهدية ونوّه بالدور الكبير الذي يلعبه مدير عام وزارة الزراعة لويس لحود،ابن سيدة النجاة، المؤمن الذي لا يدع نهار يفوت دون حضور القداس، وتمنى له الصحة والتوفيق في مهامه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى