أخبار دولية وإقليمية

هل قطر “حصلت على ما تريد في النهاية”؟

جاء في الحرة:

بعد تتويج منتخب الأرجنتين بطلا لكأس العالم في قطر، ربما تكون رحلة الانتقادات الطويلة التي رافقت هذه البطولة على وشك الوصول لخط النهاية.

وافتتحت الدولة الخليجية المضيفة أول كأس العالم تقام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بآية من القرآن، ألقاها شاب قطري من ذوي الاحتياجات الخاصة، قبل أن تسدل الدوحة الستار على بطولتها ببصمة خليجية من خلال ارتداء قائد الأرجنتين، ليونيل ميسي “البشت” في لقطة ذات رمزية عالية.

والأحد، حقق ميسي حلما طال انتظاره وقاد منتخب بلاده الأرجنتين في سن الـ 35 عاما لحصد لقب كأس العالم لكرة القدم بالفوز بركلات الترجيح 4-2 على فرنسا بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 3-3 في مباراة مثيرة ومجنونة باستاد لوسيل.

ويصف الأكاديمي والصحفي الرياضي، علي ربيع، قطر بـ”المحظوظة” لارتباط بطولتها بتتويج راقصي التانغو الأول منذ 36 عاما.

وقال ربيع لموقع “الحرة” إن “فوز الأرجنتين بمونديال قطر سيخلده التاريخ؛ لأن الناس ستتذكر فوز ليونيل ميسي بهذا المونديال كما تزال تتذكر فوز مارادونا بمونديال المكسيك عام 1986”.

“حصلت على ما تريد”

وبالرغم من الختام استمرت الأصوات الناقدة لهذه الاستضافة المثيرة للجدل والتي بدأت قبل 12 عاما واستمرت حتى انتهاء البطولة.

وتركزت الانتقادات على مزاعم الرشاوى في بادئ الأمر ثم إلى انتهاكات حقوق الإنسان وظروف العاملة المهاجرة وصولا لحقوق مجتمع الميم.

وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إنه على الرغم من أن هذه البطولة كلفت أكثر مما يمكن أن يتخيله أي شخص – في الثروة، والزمن المناسب، والأرواح، فإن قطر “حصلت على ما تريد في النهاية”.

وعندما ملأت الألعاب النارية السماء فوق لوسيل، حيث غنى المشجعون الأرجنتينيون ونجمهم ميسي يبتسم أثناء رفع الكأس الذي انتظره طوال حياته، عرف الجميع دولة قطر، كما تقول الصحيفة.

ويعتقد المحلل الرياضي، رشيد نصار، أن الإثارة في مباريات كأس العالم، بما في ذلك نهائي الأرجنتين وفرنسا الذي شهد أحداثا دراماتيكية، بالإضافة إلى التنظيم “الرائع”، صب في صالح قطر و”ساعد على أن يظهر المونديال بهذه الصورة الجميلة”.

وقال نصار لموقع “الحرة” إن “المشاهد يحب هذا النوع من المباريات التنافسية عالية الإثارة.. أكثر من مفاجأة ومباراة دراماتيكية شهدتها البطولة في كافة الأدوار”.

وأضاف أن قطر “حققت ما تريد” بعد أن “أظهرت صورة حقيقة للتقاليد والثقافة العربية المبنية على الكرم وقلصت الفجوة بين دول العالم الأول والثالث بهذا التنظيم المبهر”.

وأنهى تتويج الأرجنتين باللقب الأول لقائدها ميسي والثالث في تاريخها، عقدا صاخبا لبطولة منحت في “فضيحة رشوة ملطخة بمزاعم انتهاكات حقوق الإنسان والوفيات والإصابات التي عانى منها العمال الوافدون الذين تم توظيفهم لبناء المنشآت البالغ تكلفتها 200 مليار دولار”، حسبما تقول “نيويورك تايمز”.

وأشارت الصحيفة إلى أن المال هو العنصر الأوحد في تنظيم الدوحة للحدث الرياضي الأهم على وجه الأرض.

لكن نصار وعلى الرغمن من قوله إن المونديال “اعتمد أساسا على المال”، أكد أن “هناك دقة وتميز في التنظيم”، مضيفا أن “المال ليس وحده يشتري كل شيء”.

وظلت القرارات المثيرة للجدل حتى قبل يومين من انطلاق البطولة بعد حظر تقديم المشروبات الكحولية في الملاعب واستمرت إلى منع ارتداء علم الفخر داخل منشآت المونديال.

مع ذلك، حققت قطر إنجازا لم ينجح أي من جيرانها في العرب في تحقيقه من خلال تنظيم كأس العالم، وهو أمر كان غير وارد خلال السنوات التي سبقت إعلان رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السابق، سيب بلاتر، عن منح الدولة الخليجية هذا الشرف.

في هذا الصدد، يرى ربيع، أن استضافة دولة ما لحدث رياضي ضخم واستغلاله لصالحها “أمر ليس ببدعة”.

وقال إن “الأصل في استضافة أي حدث رياضي، أو اجتماعي، أو سياسي، أو اقتصادي هو المنفعة وإرسال رسائل في مختلف الاتجاهات”.

“نظرة دونية”

وجددت هذه المنظمات العالمية انتقاداتها لقطر والفيفا بشأن معاملة آلاف العمال المهاجرين الذين ساهموا في بناء الملاعب والبنية التحتية الأخرى في قطر. وكان نهائي كأس العالم، الأحد، يتزامن مع اليوم العالمي للمهاجرين واليوم الوطني لدولة قطر.

وقال رئيس قسم العدالة الاقتصادية والاجتماعية بمنظمة العفو الدولية، ستيف كوكبيرن، “مهما كانت كرة القدم جيدة في كثير من الأحيان، إلا أن تكلفة البطولة باهظة لمئات الآلاف من العمال الذين دفعوا رسوم توظيف غير قانونية أو سُرقت أجورهم أو حتى فقدوا أرواحهم”.

في تصريح لشبكة “سي إن إن”، قال إن العمال وأسرهم “يستحقون تعويضات” من السلطات، مردفا: “ما زلنا ننتظر من الفيفا وقطر الالتزام بضمان الإنصاف لكل من جعل كأس العالم هذا ممكنا”.

من جانبه، قال ربيع المقيم في أستراليا، إن “قطر واجهت انتقادات كثيرة بحق وبغير حق”، مشيرا إلى أن أكثر الانتقادات لم تكن بدافع إنساني أو لإحداث تغيير إيجابي، وفق تعبيره.

وتابع: “كانت تغطية بعض المواقع الإخبارية الأسترالية غير موضوعية على الإطلاق، فقد تم نشر أكثر من خبر حول وجود مقاعد شاغرة في بعض مباريات دور المجموعات، وهذا أمر طبيعي لمن يتابع كرة القدم خصوصا في المونديال”

ولفت إلى مسألة حقوق العمال قائلا إنها “مشكلة كبيرة في قطر والخليج العربي بشكل عام، لكن عدد التقارير التي تحدثت بالفعل حول الضحايا الذين سقطوا أثناء بناء الملاعب والتحضير للبطولة باسمهم وعينهم قليل جدا”، بحسب تعبيره.

وقالت مديرة المبادرات العالمية في “هيومان رايتس ووتش”، مينكي ووردن، “لدى الفيفا سياسة ذات قواعد واضحة تحمي حقوق الإنسان، ولكن في كثير من الأحيان، انحاز الفيفا إلى شريكه الثري قطر ضد الفئات الأكثر ضعفا”.

وكانت الدوحة أكدت أنها أدخلت تحسينات كبيرة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك فرض حد أدنى للأجور وتخفيف جوانب كثيرة من نظام الكفالة الذي أعطى أصحاب العمل سلطات على حقوق العمال في تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد دون إذن صاحب العمل.

وأشارت ووردن إلى أن إصلاحات العمل من السلطات القطرية “جاءت متأخرة للغاية” و “ضيقة للغاية” أو “نُفذت بشكل ضعيف” لصالح العديد من العمال الوافدين.

وتدافع قطر عن نفسها بقولها إن الدولة الخليجية تتعرّض لـ “حملة غير مسبوقة” من “الافتراءات” و”ازدواجية المعايير” بسبب استضافتها مونديال 2022.

في هذا السياق، تحدث نصار عن “نظرة دونية” من قبل الغرب للدول العربية، موضحا أن الدول الأوروبية تحديدا تنظر لنظيراتها النامية بـ “فوقية”.

وقال: “هناك نظرة دونية، وليست عنصرية للعالم العربي وهم لم يكونوا مستوعبين أن دولة عربية صغيرة من العالم النامي يحق لها تنظيم كاس العالم”.

ومع ذلك، أكد نصار أن “قطر من خلال هذه الصورة الرائعة ستسهم بتغيير هذه النظرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى