إقتصاد

القطاعُ الدّوائيُّ يُصارعُ الانهيار َالوشيك.. هل مَن يُنقذه؟

تؤثّرُ الأزمةُ التي يعيشها لبنان على استيراد العديد من السّلع والبضائع، إذ شهدت عمليّة الاستيراد تراجعاً بنسبٍ ملحوظة نتيجةَ الارتفاع الجنونيِّ لدولار السّوق السوداء وتقلّباته السّريعة.

 

وكما هي حالُ السّلع الغذائيّة في السوبرماركت، تأثّر سوق الدّواء بشكلٍ لافت. أنواعٌ عدّة من الأدوية غير متوفّرة في الصيدليّات.. وإن توفّرت، يعجز المواطن عن تأمينها بسبب أسعارها التي تتخطّى قدرته وهو الذي لا يكفيه الراتب لتأمين الضّروريات.

 

 

الواقعُ المتردّي ينعكس على الصيدليّات التي تُعاني من نفاد الأدوية، وتشكو من عدم تسليم المستوردين الكمّيات المطلوبة قبل تحديث جدول الأسعار. لذلك، رفعت نقابة الصّيادلة الصّوت ونفّذت إضراباً تحذيريًّا بإقفال الصيدليات كخطوة رمزيّة على أن تليها خطواتٌ أخرى ما لم يتحرّكِ المعنيّون.

 

 

هنا، يوضحُ نقيبُ الصيادلة جو سلّوم أنّ هذه الخطوة ليست مجرّد إضراب، بل هي وقفةٌ تحذيريّة شملت قطاع الصيادلة في المستشفيات والمصانع والجامعات، وهي صرخة باسم كلّ مريض لا يحصل على الدواء أو لا يمتلك القدرة الشرائيّة لتأمينه.

 

ويُشير سلّوم في حديثٍ لموقع “الأفضل نيوز”، إلى أنّ “أسعارَ الأدوية مرتفعةٌ جداً مقارنةً مع الوضع المعيشيّ، ووقفتنا اليوم هي بوجه الأدوية المزوّرة والمهرّبة ومافيات التهريب التي تُدخل الدواء إلى لبنان، مع “قبّة باط” من السّلطات في هذا الموضوع.. هذه المافيا نفسها كانت تُهرّب الدواء المدعوم من جيبة المريض”.

 

الصّرخةُ أيضاً بوجه عدم توفّر دواء السرطان، ويقولون للمريض في المستشفى “روح اشتري الدواء من السّوق السّوداء وبيطلع مزوّر”، يقول سلّوم، وهذا يزيد الطّين بِلّةً ويُفاقم حالة المريض.

 

ويُتابع: “صرختنا في الأساس بوجه تغيير معالم لبنان الصحية والدوائية، فاليوم الأدوية المزوّرة تجتاح الأسواق وتنبت يوميًّا صيدليّات ومستوصفات غير شرعيّة، ونشهد في المقابل هجرة المكاتب العلميّة التي أعطت طابع لبنان المميّز، وهي التي تُراقب الدواء ونوعيّته بعد وضعه في السّوق”.

 

المؤشّرُ اليوميُّ للأدوية

 

في رحلة البحث عن حلول للقطاع الدّوائيّ، صدر قرارٌ عن وزارة الصّحة يقضي بإصدار مؤشّر يوميّ للأدوية، يرى فيه نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة “حلاً إيجابيًّا”، قائلاً: “وزير الصحة أنقذ الوضع المتردّي بهذا القرار، ورغم أنّه ليس حلاً نهائيًّا في ظلّ التقلّبات السريعة التي يشهدها سعر الصرف، إنما هذا القرار يسمح باستمرار تأمين الأدوية للمرضى من الصيدليّات أو المستوردين، وبالتالي يُساهم بعدم انهيار المؤسّسات الصيدلانيّة لحين عودة الاستقرار النّقدي”.

 

ويكشف جبارة أنّ “المستوردين ما زال لديهم دَيْن في مصرف لبنان بحوالى 250 أو 300 مليون دولار، عبارة عن أدوية أتت إلى لبنان وتمّ بيعها على السعر المدعوم ،ولكنّها لم تُدعَم بعد”.

 

ويُتابع: “هذه مشكلة، لأنّ هذا يُعتبر دَيناً على لبنان قد يضعه على اللائحة السوداء من قِبل المورّدين وبالتالي قد يتوقّف البعض عن تزويدنا بالأدوية”، داعياً إلى معالجة هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن.

 

أمّا سلّوم فيُعلّق على موضوع مؤشّر الأدوية بالقول: “هذا القرار قد يُريح المستوردين والوكلاء ولكن ما يهمّنا هو أن نتسلّم الأدوية في الصيدليّات، ولا يعنينا المؤشّر بحدّ ذاته إنما التّسليم، من أجل خدمة المريض وتلبية حاجته من الدواء”.

 

ويُضيف: “من المؤكّد أنّ هذا الأمر قد يؤدّي إلى صدمة إيجابيّة الأسبوع المقبل، ولكن مطالبنا لا تنتهي هنا وليست مقزّمة عند هذا الموضوع، وسنُراقب تطوّر الوضع”، مشدّداً على أنّ “مطالبنا تشمل حقّ كلّ مريض بالوصول إلى الدواء.. وربّما تكون لنا هناك خطوات أخرى الأسبوع المقبل بالتنسيق مع نقابات أخرى”.

 

الأدويةُ المزوّرةُ والتّهريب

 

يلفتُ جبارة النّظر إلى معضلة الأدوية المزوّرة والتّهريب، قائلاً: “السوق السوداء مشكلة، وسببها نقص الدواء في لبنان”.

 

وإذ يُشدّد على “ضرورة اتّخاذ إجراءات عاجلة من قِبل الجهات الأمنيّة لعدم السماح بتهريب أو بيع أدوية للدّاخل بطريقة غير مُراقَبة من وزارة الصحة”، يُشير إلى أنّ “الموضوع لا يُحَلّ في يوم أو يومين، ولكن حالياً الجهود الغائبة لضبط الوضع والإجراءات باتت أكثر من ضروريّة”.

 

نقيبُ الصّيادلة يكشف من جهته، أنّه “تمّ دفع 8 مليارات دولار على الدّعم، وكان يذهب تهريباً إلى الخارج من دون أن يحرّك أحدٌ ساكناً لضبط المهرّبين”، موضحاً أنّ “الدواء المدعوم لم يكن يصل إلى الصيدليّات بل كان يُهرَّب إلى الخارج، ولا مَن يتحرّك أو إنَّ الخطوات كانت خجولة”.

 

مَن يُنقذ القطاعَ الدّوائيَّ من الانهيار الوشيك؟ وهل تلقى صرخةُ نقابة الصّيادلة أصداءَ إيجابيّةً ونتجنّب الوصول إلى “مجتمعٍ مريض”؟!

 

كريستال النوّار – الأفضل نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى