
بعد ما يقارب ١٢ عامًا من الحرب في سورية، وفي ظل أزمةٍ خانقة يعيشها الشعب السوري، كان الزلزال الأخير بمثابة الضربةِ القاضية. ولم يعُد الدمار يقتصر على منطقةٍ مواليةٍ أو معارضةٍ، إذ اهتزت الأبنية والطرقات دون سابق إنذار؛ ليعيش السوريون رعب الموت الجماعيِّ من جديد.
وبعد مرور بضعة أيام على هذه الكارثة الطبيعية، هبَّ الكثيرون لمساعدة الشعب الشقيق. من لبنان إلى مصر والعراق والكويت وغيرهم من الدول التي وضعت الخلافاتِ السياسيةَ جانبًا، وأرادت أن تكون عونًا للمفجوعين بمصابهم. ولكن، لم تثبت هذه الأزمة جدارة القلائل من السوريين الذين لم يرحموا أبناء بلدهم، وبدأوا بسرقة المساعدات، وبيعها من أجل المصالح الشخصية.
سارعتِ الدولُ العربية بعد وقوع الكارثة في سورية وتركيا، إلى الإعلان عن إطلاق جسورٍ جوية لإيصال المساعدات الإغاثية والطبية، كما أعلن الوزير علي حمية أن: “المطار والمرفأ مفتوحان أمام الطائرات والسفن المحملة بالمساعدات للشعب السوري دون دفع أي رسوم وضرائب”.
وصلَ جزءٌ كبيرٌ من هذه الإعانات إلى المناطق المنكوبة، ولكنَّ مصيرَها كان مجهولًا. فبعد نشر المواد الغذائية وعرضها، وقد كُتبَ عليها “غير مخصصة للبيع” أو “برنامج الغذاء العالمي”، عُرضت للبيع بأسعارٍ مرتفعة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض الأسواق السورية، ارتفعت صرخةُ الناشطين حيث نشر الصحافيُّ السوريُّ صهيب المصري عبر حسابه على توتير متسائلًا: “أين المواد الإغاثية والمعونات والحرامات؟ واللجان الإغاثية ماذا تعمل؟”. كما علق عددٌ كبير من الفنانين السوريين وتمنوا إيصال المساعدات للمنكوبين بأسرع وقت.
من ناحية أخرى، قال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم السوري: “إنه سيتم محاسبة من يسرق ويبيع المساعدات، ولهذا الغرض أرسلنا دوريات مباشرة وتبين أنَّ هناك مختارين يوزعان فقط على أقاربهما، وتمَّ حلُّ الموضوع”. وأشار الوزير السوري إلى أنه: “تمَّ تدشين حساب للجنة العليا للإغاثة، ووصلت تبرعات بعدة مليارات، وتزيد بشكلٍ لحظي”.
لبنانيًا لا تزال حملاتُ جمع التبرعات لدعم الشعب السوري الجريح مستمرة، حيث انقسمت المبادرات ما بين فرديةٍ وجماعية. وواحدة من أبرز المبادرات قام بها كشافة الغد في حزب الاتحاد بإيعازٍ من النائب حسن مراد الذي غرد على حسابه: “لا تزال التبرعات تصل تباعًا إلى مراكز الغد الأفضل من أجل توضيبها وإرسالها إلى سوريا”. وتابع مراد القول: “المصاب جلل، والجميع مدعوٌّ للوقوف إلى جانب أبناء شعبنا المتضررين من الزلزال”.
سُرقت أم لم تُسرق المعونات الإنسانية التي أصبحت بالملايين، مازال واجبًا على العالم أجمع تقديم المساعدات المعنوية قبل العينية، فكلمات العالم كلها لا تعوض الشعب السوري ما فقدَ، ولكن “بحصة بتسند جرة”.