صحة

فضيحة “سوق الجمال” في لبنان: إبرَة غيّرت كل شيء!

“كنتُ في الصالون أصفف شعري، عندما اقترح عليَّ خبير تجميل يعمل هناك بحقن إبرة لانتفاخ وجهي الضعيف جدًا. ترددتُ في البداية، ولكن نتيجة قلة معرفتي بهذا المجال وكلامه المقنع، وانتشار هذه الظاهرة في أيامنا هذه، تشجعت ووافقت، وحقن لي الإبرة في وجهي، وفرحت جدًا بنتيجتها”.

تستعيد فرح ما حصل معها وتقول لـ “المدن”:”بعد ساعات من تلك الحقنة، ظهر انتفاخٌ بسيطٌ في وجهي. عندها، اتصلتُ بخبير التجميل وأبلغته، فأجابني بأن هذه عوارض طبيعية وستختفي. حقاً، حصل ذلك، فاختفت العوارض لكنها عادت وظهرت بعد سنة”. وتضيف: “انتفخت الجهة اليسرى في وجهي، فتوجَّهتُ إلى طبيب وأخبرني بأن هذا نتيجة الإبرة المزورة والمادة الدائمة المحقونة في الجلد. فعلياً، عانيت من رحلةَ علاجٍ طويلةٍ مع التداعيات النفسية وتنمر الناس إزاء ما حصل معي، وخسرت بسبب ورم وجهي أمورًا كثيرةً، أبرزُها عملي”.

قصة فرح واحدة من عشرات، بل مئات القصص التي نصادفها في يومياتنا. فالتشوه، خصوصاً في الوجه لا يمكن اخفاؤه. وهو يعود إلى استخدامات خاطئة لحقن الفيلر والبوتوكس، وخصوصاً الحقن المزورة والمغشوشة، واستخدامها ممن يدعون الخبرة في التجميل وليس من قبل أطباء متخصصين. يحصل ذلك في غياب أي رقابة طبية أو محاسبة من الجهات الرسمية.

فما هي حقن الفيلر والبوتوكس؟

 

الفيلر والبوتوكس

الفيلر مادة تحقن تحت الجلد عن طريق ملء خطوط وأنسجة الوجه لتجديد شبابه عبر تعبئة مناطق معينة بهدف تكبير حجمها، مثل الشفاه والخدود أو إخفاء التجاعيد الناتجة عن التقدم في العمر. وفعلياً، فإن “الفيلر” مادة مؤقتة يتم حقنها بشكل متكرر حسب نوع المادة ومكان حقنها في الجسم.

 

أما “البوتوكس” فهي أيضا مادة مؤقتة، تعالج التجاعيد التعبيرية المرتبطة بحركة الوجه وتظهر عند حركة العضلة وتزول عند زوالها. وهي مادة تسبب ارتخاء العضل وتزيل التجاعيد وتستخدم لحقن الجبين ومحيط العينين ومحيط الفم، وهدفها الاساسي منع ظهور تجاعيد الوجه على الرغم من انه يمكن استخدامها أيضا لعلاجات طبية مثل الجيوب الأنفيّة وخلل التوتر العضلي وأوجاع الرأس وغيرها.

قبل الأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان كانت أسعار “إبر الفيلر” على سعر صرف 1500 ليرة لبنانية تتراوح بحسب الطبيب التجميلي الدكتور جو خليفة بين 250 و400 ​دولار​اميركي. قد تزيد التكلفة أو نتخفض وفقا للنوع والمصدر وإسم الطبيب المعالج. أما إبرة البوتوكس فبين 300 و350 دولار أميركي. أما اليوم أصبحت الأسعار “للفيلر” تتراوح بين 200 و300 دولار أميركي وللبوتوكس بين 200 و250 دولاراً على سعر دولار السوق السوداء”.

 

ويبدو أن الجمال وصناعة التجميل في لبنان ظلّا بمنأى عن الأزمة اللبنانية التي هزت أركان الاقتصاد والتي لم تزعزع رغبة اللبنانيات في الظهور بمظهر أفضل رغم غلاء الأسعار، حتى وإن دفع الأمر ببعضهن إلى اقتراض المال على قاعدة المثل الشهير “بتدين حتى تتزين”.

 

بحسب الدكتور جو خليفة “هناك فئة من الناس لم نعد نراها، ولكن بالمقابل هناك فئة كبيرة جداً ما زالت مواظبة على التجميل خصوصاً بعد التأقلم مع الأزمة والأسعار”.

 

إصرار على الجمال والشباب

ومع ارتفاع الأسعار، تبحث بعض النساء عن الجمال بكلفة قليلة ما يدفعهن أحياناً إلى اللجوء إلى عدم التدقيق في المواد المستخدمة والتي تسبب اضراراً كبيرة ودائمة أو الإعتماد على خبراء التجميل عوض التوجه إلى الأطباء المتخصصين.

 

يؤكد الدكتور خليفة على ذلك قائلا “نواجه الكثير من الحالات لنساء تعرضن لتشوهات ويأتين طلباً للعلاج والمساعدة. بعض الحالات يمكن معالجتها وبعضها يتعذر علينا ذلك فالضرر يكون كبيراً ودائماً”. ورداً على سؤال عن كيفية التأكد من المواد المستعملة، يؤكد خليفة أن “مع كل إبرة هناك لصقة كمرجع للمنتج يمكن طلبها من الطبيب لمعرفة المواد المستعملة وإذا كانت مرخصة أم لا. والأهم التوجه إلى الأطباء المتخصصين الذين يملكون المصداقية والعلم والخبرة ويلتزمون بالمعايير الطبية وآدابها”.

 

ليس خطأً أن تحاول النساء الحفاظ على جمالهن وشبابهن شرط أن يحرصن على الاطلاع على المواد المستخدمة والمعايير الصحية والطبية المطلوبة، تجنباً لحدوث مضاعفات خطيرة، قد تحتاج إلى عمليات تصحيحية أخرى مكلفة، كما حدث مع فرح، واحيانا قد يتعذّر إزالة التشوهات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى