
لورا يمّين – المركزية
وجّه صندوقُ النّقد الدّولي رسائل خطيرة وحازمة إلى السّلطات اللّبنانية محذّرًا إياها من الاستمرار على هذا النّمط في التّعاطي مع الأزمة الاقتصاديّة الحادّة التي تضربُ البلاد. فقد نبّه رئيس بعثة الصّندوق أرنستو راميريز ريغو، خلال مؤتمرٍ صحافيّ، في ختام زيارة لبيروت شملت لقاءات مع مسؤولين وجهات عدة من أنّ “لبنان يمرّ بلحظةٍ خطيرةٍ للغاية، في ظلّ انهيار اقتصاديّ مُتسارع، وأنّ التّقاعس عن تطبيق الإصلاحات من شأنه أن يُدخل البلاد في أزمة لا نهاية لها”. وقال “نعتقدُ أنّ لبنان يمرّ في لحظة خطيرة للغاية، عند مفترق طرق”، مضيفًا “الستاتيكو القائم والتقاعس عن اتخاذ إجراءات مطلوبة من شأنه أن يدخل البلاد في أزمة لا نهاية لها”.
وتابع “مرّ عام تقريبًا منذ أن توصّلنا إلى اتفاق”، مٌشيرًا إلى أنّ “اللبنانيين أحرزوا تقدّماً لكن للأسف التّقدم بطيءٌ جدًّا بالنّظر إلى مدى تعقيد الوضع”. وقال “البلد في أزمة كبيرة، والمتوقّع كان أكثر من ذلك بكثير لناحية تطبيق وإقرار التشريعات المرتبطة بالإصلاحات”.
وشدّد ريغو على أنّ “أيّ حلّ للأزمة الاقتصاديّة الرّاهنة يجب أن يشمل تعديل السّياسات الماليّة ومعالجة خسائر القطاع المصرفي وتوحيد سعر الصّرف”، معتبرًا أنّ “صغار المُودعين هم الأكثر تضرّرًا ويعانون أكثر ممّا ينبغي”. ودعا الحكومة إلى وجوب “التّوقّف عن الاقتراض من المصرف المركزي”.
لكن أين هي الدولة من أجراس الإنذار هذه، التي يدقّها منذ سنوات، ليس الصّندوق فقط، بل دول العالم قاطبة؟! هي تواصل الحفر في داخل البؤرة التي تغرق هي وتُغرق اللبنانيين فيها، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”.
فعلى سبيل المثال، وفي ظلّ غياب أيّ إصلاح جدّيّ، تتهيّأ الحكومة لرفع رواتب القطاع العام! في جلسة تعقدها الاثنين المقبل مبدئيًّا، أفيد أنّها ستبحث في مشروع احتساب الحوافز الإضافيّة للرّواتب وفق تصنيف الموظفين من الفئة الأولى إلى الرابعة منها، وهي تتراوح بين 300 دولار أميركي للفئة الأولى وتصل إلى 100 دولار للفئة الخامسة بفارق خمسين دولاراً بين كلّ فئة وأخرى. وتردّد أنّ راتبًا رابعًا إضافيًا سيُعطى لكلّ موظّف وأنّ كلفة النّقل لن تتبدّل وهي كناية عن خمس ليترات بنزين عن كلّ يوم عمل تحتسبُ وفق المعدّل الشّهري لسعر الصّفيحة في نهاية كلّ شهر وتُدفع باللّيرة اللّبنانية.
وفي مقابل هذه المصاريف، لا تُدخل الدولة إلى خزانتها إلّا مبالغ بسيطة لا تُحتسب وتتّكل على “طبع الليرة”، مُتسبّبة بانهيارها أكثر، ما يعني أنّها تعطي الناس “في يد” وتأخذ منهم من “اليد الأخرى”!
أمّا عمل المجلس النيابي إصلاحيًّا، فيُساوي صفرًا. هو لا يجتمع بفعل الشّغور الرّئاسي، واذا اجتمع فإنّه يقرّ قوانين لا تتلاقى وما يطلبه الصندوق أو ما تتطلّبه مُقتضيات الإصلاح والإنقاذ.
هذه المعادلة التي تحكم الواقع اللّبناني الاقتصادي “مثاليّة” لإيصال لبنان إلى الارتطام الكبير الذي بلغه أصلًا، تتابعُ المصادر، فهل تستفيق الطّبقة الحاكمة وتوقف مناكفاتها السّياسيّة، رأفة بالناس، بما أن وقف الانهيار علاجه سياسيّ أوّلا، ويتطلّب انتخاب رئيس للجمهورية؟!.