أخبار محلية

الرئيس السنيورة على راس وفد في بكركي : نؤكد على أهمية أن يبقى لبنان بعيداً عن أن يستدرج إلى هذه المعركة العسكرية

استقبل لبطريرك الماروني الكاردينال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم في بكركي الرئيس فؤاد السنيورة على راس وفد ضم : الوزيرين السابقين الدكتور خالد قباني واحمد فتفت، والنائب الدكتور بلال الحشيمي، النائبين السابقين الدكتور فارس سعيد والدكتور مصطفى علوش، الدكتور أنطوان مسرة، الدكتورة لينا التنير إضافة الى الأستاذ محمد السماك. وكان بحث في الأوضاع الراهنة في البلاد وفي نهاية اللقاء تحدث الرئيس السنيورة فقال:

 

زيارتنا هذا الصباح لغبطة البطريرك، هي بمناسبة حلول أول السنة الميلادية، حيث تمنينا لغبطته سنة مباركة، وها نحن نتمنى أيضاً لجميع اللبنانيين أن تكون سنة جديدة يسود فيها السلام، ويستعيد فيها لبنان واللبنانيون النهوض الوطني والسياسي والاقتصادي والمعيشي. كما نتمنى للمنطقة العربية ككل سنة مباركة يسود فيها السلام أيضاً. كما نتمنى أن تتحد جميع الجهود اللبنانية والعربية من أجل أن تجاوز المشكلات والتحديات الكثيرة التي نعاني منها في لبنان، وتعاني منها المنطقة العربية.

 

ونتذكر في هذه المناسبة ونتألم لما يجري في غزة بنتيجة الأعمال الاجرامية التي ترتكبها إسرائيل والابادة الجماعية التي تفرضها على سكان غزة، والتي أدّت إلى هذا العدد الكبير من الشهداء والضحايا والمصابين والمفقودين الأبرياء الذين سقطوا في قطاع غزة والضفة الغربية وإلى هذا الدمار الرهيب الذي حلّ بالقطاع.

 

في هذه المناسبة أيضا نؤكد فيها على أهمية أن يبقى لبنان بعيداً عن أن يستدرج إلى هذه المعركة العسكرية. ولقد ذكرت لغبطة البطريرك أن لبنان لطالما وقف إلى جانب القضية الفلسطينية ولايزال اللبنانيون حريصون على أن يستعيد الفلسطينيون حقهم الطبيعي في أن تكون لهم دولتهم، وأن يكون لهم وطنهم المستقل. لكن في ذات الوقت، فإنّ اللبنانيين الذين عانوا الأمرين من الحروب والدمار، هم حريصون الآن على أن لا يستدرج وينزلق بلدهم إلى هذه المعركة العسكرية. ولاسيما أن استدراجهم إلى هذه المعركة العسكرية لن تغير شيئا أساسياً في التوازنات العسكرية إذا انخرط لبنان في هذه الحرب، لا بل أنه سوف يؤدي إلى تدمير كبير للبنان.

 

لا أقول هذا الكلام لأجل التهويل بل هو فعلياً كذلك. لاسيما وأنّ لبنان الآن لايزال يعاني من آثار العدوان الاسرائيلي الذي حصل عليه في العام 2006. كذلك لا بدّ لي هنا من أن أذكر أنني قمت شخصياً بالإدلاء بتصريح بهذا الخصوص في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أي في اليوم التالي لاندلاع الحرب في غزة، وحيث قلت وأكّدت بأن لبنان لا يستطيع أن ينخرط في هذه العملية العسكرية، ولاسيما وأن لبنان لايزال يعاني الأمرين من نتائج الحرب التي حصلت في العام 2006، ويعاني أيضاً من ثلاث أزْمات متراكمة مع بعضها بعضاً، وذلك أنّ لبنان يعاني من أزمة سياسية خطيرة في أنه لايزال غير قادر على أن ينتخب رئيس الجمهورية العتيد، وبالتالي غير قادر أن يستعيد تكوين مؤسساته الدستورية. كما أنه يعاني من أزمة اقتصادية ومعيشية خطيرة جداً لاتزال تضغط على كل اللبنانيين. كذلك أيضاً، فإنّ لبنان لايزال يعاني من أزمة تتعلق بهذا العدد الكبير من النازحين السوريين.

 

هذه الأزمات الثلاث لا تسمح للبنان أن يخوض هذه المعركة العسكرية. هذا علماً أنّ هناك من يحاول أن يستدرج لبنان إلى هذه المعركة، وتحديداً في إسرائيل. وأعني بذلك أصحاب الرؤوس الحامية هناك والتطرف الإسرائيلي الذي يريد أن يدفع بلبنان الى ان يخوض مثل هذه المعركة.

 

لا أنسى كذلك أنَّ هناك فرق كبير بين الوقت الحالي وظروفه وإرغاماته، وما كان سائداً في العام 2006. إذْ كان لدينا آنذاك ما يسمى شبكة أمان عربية ودولية استطاع لبنان بمساعدتها أن يتخطى النتائج السلبية للاجتياح الإسرائيلي في العام 2006، وأن يعيد بناء ما دمره الاجتياح. شبكة الأمان هذه هي غير موجودة الآن، وبالتالي غيابها يعتبر سبباً إضافياً لا يسمح للبنان بأن يخوض غمار هذه الحرب.

 

على أي حال، هذا الأمر ينبغي أن يتولد عنه موقف وطني عام يدفع باتجاه الحرص على عدم الانزلاق، ولكن من جانب آخر يستطيع لبنان مع اشقائه العرب أن يدفع من أجل توفير دعم سياسي للقضية الفلسطينية، وذلك سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً. هذه هي حدود ما يستطيع أن يقوم به لبنان. وبذلك نستطيع أن نحمي اللبنانيين ونحمي لبنان إزاء هذه المخاطر الكبرى.

 

كلنا يعلم أنه كان هناك من يقول بالماضي أنّ لبنان قوته في ضعفه، وآخرون يقولون انّ لبنان قوته في مقاومته. والحقيقة أن قوة لبنان الحقيقية في وحدة أبنائه. السؤال الكبير: كيف نستطيع أن نحمي الوحدة الوطنية في لبنان، وكيف يمكن لنا أن نعززها. وبالتالي هذا هو الأمر الذي يمكّن لبنان عملياً ويدفع به إلى أن ينهض من هذه الحالة المأساوية التي أصبح فيها، وبالتالي أن يحقق ما يصبو إليه أبناؤه.

 

نحن الآن نعلم تمام العلم بأن لبنان، وطالما لم نتمكن بعد من أن ننتخب رئيس جمهورية، فإنّ الأمور ستبقى معلقة، ولن نتمكن من مواجهة المشكلات والتحديات التي تعصف بنا.

 

لا بد لي من ان أذكر هنا أنّ رئيس الجمهورية في لبنان وحسب الدستور اللبناني هو رئيس الدولة ورئيس كل السلطات وهو رمز وحدة الوطن وهو ليس رئيساً لفريق من اللبنانيين بل هو رئيس كل اللبنانيين ورئيس كل السلطات. وهو الحامي للدستور، وهو الذي يحرص على توازن السلطات والتنسيق فيما بينها. وهو بالتالي ليس رئيس السلطة التنفيذية وليس رئيس السلطة التشريعية وليس رئيس السلطة القضائية هو فوق جميع كل السلطات.

 

لذلك، يجب أن ننتبه ونتوقف عن تقزيم دور رئيس الجمهورية، ونجعله لاهثاً وراء مناصب من هنا أو وراء وظيفة من هناك أو وراء حصة في توظيف شخص من هنا أو نائب من هناك. هذه ليست وظيفة رئيس جمهورية. انه هو الذي يستطيع أن يجمع اللبنانيين، وأن يُشعرَ اللبنانيين جميعا بأنه هو الحامي لهم. هذا هو رئيس جمهورية الذي يجب أن نحرص عليه أن يتولى المسؤولية في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان، وتمر بها المنطقة العربية، ويمر بها العالم. وبالتالي، فإنّ ما نشهده ونتألم منه الآن من ما يسمى زيادة حدّة التشنجات والتعصب والتطرف الذي بدأ يغزو الكثير من دول العالم. وهذا هو عكس المبادئ والقيم التي يقوم عليها لبنان من سموّ لفكرة العيش المشترك والقبول بالآخر.

 

فبالتالي، فإنّ لبنان القائم على فكرة العيش المشترك، وعلى تقبل الآخر هو النموذج الصحيح الذي يمكن أن نعطيه ليس فقط للبنانيين، ولكن أيضاً للمنطقة العربية وللعالم.

 

هذا الأمر هو الذي يجب أن نحرص عليه وأن نستعيد ما يسمى سيادة الدستور في لبنان وسيادة القانون، ونستعيد ثقة اللبنانيين بالمستقبل. هذه المصاعب التي نمر بها وتمر بها المنطقة العربية يجب أن تدفعنا إلى توحيد صفوفنا وإلى ممارسة المزيد من التبصر والتنبه لما قد يحصل من تسويات معينة في المنطقة، بحيث يجب أن نكون حريصين على أن نحافظ على وحدتنا وأن نحافظ على بلدنا ونحافظ على التزامنا بأحكام الدستور وباستعادة الدولة السيدة الحرة المستقلة التي تبسط سلطتها على كل الأراضي اللبنانية بحيث لا تكون هناك سلطة أو قوة غير قوة الدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة، والتي هي جميعاً الأساس لاستعادة ثقة اللبنانية بأنفسهم وبالمستقبل.

 

‏س: دولة الرئيس في حالة تم الاتفاق بالتفاهم وحزب الله ما هو دوركم؟

 

ج: ‏التفاهم مع حزب الله على لبنان على انتخاب رئيس. نعم، ينبغي التفاهم على أن يكون لدينا رئيس للجمهورية يكون رئيساً لكل اللبنانيين، وحيث يذهب جميع النواب إلى مجلس النواب، وأن يمارسوا دورهم المنوط بهم في انتخاب الرئيس، وأن يتوقف البعض عن تعطيل جلسات مجلس النواب.

 

رئيس يؤمن بسيادة لبنان، وعلى أساس أن يكون رئيس لكل لبنان. هو الرئيس الذي يشعر معه كل لبناني بأنه فعلياً الرئيس الذي يضمن للبنان حريته واستقلاله وسيادته.

 

أنا أعتقد أن حزب الله لا يستطيع أن يفرض رئيساً على اللبنانيين لا يكون لجميع اللبنانيين ما يتوخونه ويتوقعونه من رئيس الجمهورية. هذا الأمر يجب أن يكون واضحا يجب أن يكون الرئيس العتيد رئيساً لكل اللبنانيين. نحن لا نقول برئيس يحابي فريق من اللبنانيين. على العكس هذا الرئيس يجب ان يشعر معه كل لبنان باطمئنان لوجود هذا الرئيس الحامي، والمحافظ على الدستور. عند ذلك يمكن أن يشعر حزب الله وباقي الأحزاب وكل اللبنانيين بأن هذا الرئيس هو الذي يحميهم ويطمئنهم. يجب أن نفرق ما بين رئيس منتمي لفريق ورئيس لكل اللبنانيين، وبالتالي أن ننتخب الرئيس الصحيح، وبالتالي أن نتجنّب أن نكرّر الخطأ الذي ارتكبناه في العام 2016.

 

يجب أن ننتهي من كل هذه التسويات التي تؤدي بنا بالنهاية إلى أن نكرر أخطاء ارتكبناها في الماضي الآن هذه مرحلة جديدة يجب أن يشعر الرئيس الجديد بأنه مدعوما من كل اللبنانيين وأنه سيعمل لصالح لبنان وجميع اللبنانيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى