يؤكد النائب ابراهيم كنعان، أنه بعد سنة ونصف على الفراغ الرئاسي، “أصبح من المفروض على الكتل النيابية وأحزابها أن تدرك خياراتها وتحسم هذه الخيارات”، موضحاً “أننا لا نتكلم قبل الإنتخابات بشهر أو شهرين وننتظر المرشح الذي يمتلك الحظوظ الأكبر، إنما نتحدث بعد عام ونصف على انقضاء الموعد الدستوري، وبالتالي لم يعد من المسموح التعاطي مع هذا الملف، على طريقة امتلاك تَرَف الوقت أو كأن البلد بألف خير والناس مرتاحة، وما من هريان في المؤسسات، وتعطيل بدأ يطال حتى العمل البلدي والإختياري في لبنان، جراء حالة الهريان التي وصلنا إليها”.
وفي حديثٍ لـ “الديار” يرحب النائب كنعان بالمبادرات، إلاّ أنه يعتبر أنه “لا يجب أن تتحوّل المبادرة إلى عملية تضييع وقت، والمطلوب حسم هذه الأمور، بحيث هناك آلية دستورية لانتخاب رئيس الجمهورية في المجلس النيابي، والخيارات باتت معروفة، وفي حال وجود إمكانية للتوافق، فما من جهة ستعارضه، أمّا في حال لم يكن هناك أي إمكانية لحصول التوافق بعد سنة ونصف على موعد حصول الإستحقاق الرئاسي، يفترض بنا النزول إلى المجلس النيابي ليصار إلى انتخاب الرئيس في أسرع وقت ممكن، لنوقف حالة الإنحدار الحاصلة على كل المستويات في لبنان”.
وفي هذا المجال، يرى النائب كنعان أن “عنوان المرحلة اليوم، وكما قلت بالأمس في بكركي، هو اللامسؤولية، فلا من يتحمل المسؤولية كما يجب تحمّلها، ولا أحد يتعاطى مع الأمور بجدية ويُغلِّب المصلحة الوطنية على مصلحته الخاصة، فعندما نرى أن هناك استحقاقاً بهذا الحجم يفتح الباب واسعاً لإنقاذ لبنان وتأليف حكومة جديدة وللبتّ بملفات مالية واقتصادية واجتماعية ونقدية ويستمر بالتعطيل، ولا أحد يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ندرك أن هناك صراعا على السلطة لا أكثر ولا أقلّ، مقابل التفكير بمصلحة الدولة ومصلحة الشعب”.
وحول من يُعرقل حصول الإستحقاق الرئاسي، وما إذا كنا ينتظر وقف حرب غزة، يرفض النائب كنعان هذا الكلام، معتبراً أنه “يوحي بأننا قد فقدنا كل عناصر المبادرة الداخلية، وهذا كلام خطير، وإن كنا نحن نشجب الإرتكابات الإسرائيلية التي تحصل في غزة، وهي تطال شعب بأكمله، وهذا الأمر يعنينا ونتضامن من أجله، ولكن أن نعطّل بلدنا ومؤسساتنا ومصالح شعبنا، فهذه كلها حِجَج غير مقبولة، وأرى أننا نحن من نعطّل أنفسنا جراء تمترس كل طرف خلف قناعاته وأفكاره التي تخفي خلفيات سلطوية مغلّفة أحياناً بالوطنية، وأحياناً أخرى بمشاريع خارجية، فهذه كلها تعرقل ليس فقط الإستحقاق الرئاسي، إنما أيضاً تعرقل قيام لبنان وشعبه ومستقبله”.
وعن إمكانية الخروج من معضلة عدم قدرة أي فريق داخلي بمفرده على حسم المعركة الرئاسية، يشير النائب كنعان، إلى أن ذلك “يتطلّب حصول خرق في السياسة بين الفريقين المتقابلين لحصول توافق على مرشح يحمل مواصفات مقبولة من الأطراف التي تخلق هذا النوع من توازن التعطيل، وإلاّ علينا الذهاب إلى انتخابات، ومن يحصل على نسبة أكبر من الأصوات يفوز، أي يجب تحرير العملية الديمقراطية”.
وعمّا إذا كنا عشية حرب مقبلة على لبنان، يسأل كنعان: “هل هناك أي مسؤول في لبنان يؤيّد حصول الحرب؟ ولماذا علينا الذهاب إلى حرب؟ وإن كان مَن يجرّنا للذهاب إلى حرب، يجب أن لا نسمح له أن يحقّق هدفه، فإذا كانت إسرائيل من تعمل على ذلك، لا يجب علينا أن نساعدها، لأن لا مصلحة للبنان وشعبه واقتصاده أن نذهب إلى حرب”.
ويؤكد النائب كنعان، “إننا لا نخاف من الحرب في حال حصول اعتداء وفُرضت علينا، لأنه من واجبنا عندها الدفاع عن بلدنا، ولكن أن نساهم في تأمين وقود وعناصر و مقوّمات الحرب، فهذا ليس لمصلحة لبنان، وما طرحته في بكركي طرحته بإسم جميع اللبنانيين، وليس بإسم فريق من اللبنانيين، فالجميع لا يريدون الحرب في لبنان، ولبنان لم يكن يوماً يريد أي حرب، إنما هو مجتمع متحرك وديناميكي ومتنوِّع وغني في اقتصاده ودوره ورسالته في المنطقة والعالم كملتقى للحضارات والأديان، هذا هو لبنان، وليس بإمكانه التحوّل إلى الوضع الراهن ويساهم باستمرار هذا الإنهيار الذي نحن فيه، إن على المستوى السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي”.
وعن قراءته للوضع المسيحي في ظل حالة الإقصاء من الدولة، يذكِّر كنعان أنه “في العام 2016، كنت أحد الذين عملوا على إنجاز الإتفاق المسيحي ـ المسيحي الذي ساهم بكسر الحلقة المفرغة بعد سنتين على الفراغ بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، فهذا الخرق بين المسيحيين والشيعة هو المطلوب اليوم، حقّقناه في العام 2016، وهو الذي وضع كافة الفرقاء أمام مسؤولياتهم، وحمل الرافضين على القبول، وهكذا حصلت العملية الإنتخابية، وبالتالي، الإتفاق المسيحي ـ المسيحي ضروري لمنع أي نتيجة قد تؤدي إلى إقصاء المسيحيين وتحجيم دورهم، وعلينا أن لا نرتكب الأخطاء التي تساهم في إقصائنا، لذا، علينا أن نؤدي دورنا كما يجب من خلال تأدية واجباتنا ووضع صراعنا السياسي تحت السقف الوطني الكبير، وتحت سقف مصلحتنا الكبرى وحضورنا في النظام ومشاركتنا بالنظام من خلال رؤية ومشروع واضح، نحن من نهمِّش أنفسنا في الكثير من الأحيان، بحيث أننا نختلف ونتصارع بشكل مخيف وننقسم بشكل عامودي، وندّعي في النهاية أننا نتعرّض للتهميش”.
وعليه، يتساءل كنعان، عن الأداء لمنع “التهميش”، مشيراً إلى أنه “عند أي استحقاق نتقاطع ونتحالف، وعندما ننتهي من هذا الإستحقاق نعود لنختلف ونعود إلى النغمة نفسها والسيرة السابقة ومن دون أي رؤية استراتيجية، فالمسيحيون محكومون في حال أرادوا أن يحافظوا على موقعهم ودورهم في هذا الوطن، عليهم على الأقل الإتفاق على الإستراتيجية الكبرى القائمة على الحضور وعلى الشراكة الفعلية مع شركائهم في الوطن و النظام”.
وعما إذا بات التوافق أسهل بين القوى المسيحية جراء الأوضاع المصيرية التي تعصف بالبلاد، يعتبر كنعان أن “المهم أن لا يتوافقوا على المصلحة ويعودوا ويختلفوا من جديد، لأن تحالفهم يكون كما حاولنا في العامين 2015 و 2016 على أساس استراتيجية مسيحية وطنية تدوم إلى ما بعد بعد الإنتخابات وبعد أي انتخابات، ولذلك، إذا استمر كل فريق مسيحي بالتفكير بمصلحته فقط، ويحاول كل طرف تأمين مصلحته، ويسعى إلى تأمينها من خلال تحالفات موسمية، سنبقى على وضعنا المهترئ هذا، لا بل أنه سيسوء أكثر في المرحلة المقبلة كما حصل في 1990”.