عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، شهد العالم ظهور الحرب الباردة التي وضعت حلفاء الأمس وجها لوجه. وانطلاقا من ذلك، ظهر المعسكر الشرقي الذي ضم الاتحاد السوفيتي والدول الحليفة له والمعسكر الغربي الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية.
وفي سياق الحرب الباردة، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية لتوزيع عدد من أسلحتها النووية على قواعدها العسكرية بالخارج بهدف خلق قوة ردع ضد الاتحاد السوفيتي.
فأثناء عملية نقل هذه الأسلحة من الأراضي الأميركية نحو القواعد الموجودة بالخارج، واجه الأميركيون بعض المصاعب التي أسفرت أحيانا عن ضياع أسلحة نووية بعرض البحر.
خلال فترة الاحتلال الفرنسي، أنشأت الولايات المتحدة الأميركية عام 1951 قاعدة بن جرير الجوية على بعد 58 كلم شمالي مدينة مراكش. وقد مثلت هذه القاعدة حينها واحدة من خمس قواعد أنشأها الأميركيون، وحلفاؤهم، بشمال إفريقيا بهدف التخلي عن التزود بالوقود جوا أثناء الرحلات طويلة المدى.
من قاعدة ماكديل “MacDill” الجوية بولاية فلوريدا الأميركية، أقلعت قاذفة القنابل الاستراتيجية بوينغ بي 47 ستراتوجت “Boeing B-47 Stratojet” حاملة على متنها كبسولتين محملتين بمواد الأسلحة النووية. بناء على تصريحات المسؤولين الأميركيين، كان من المقرر أن تقوم قاذفة القنابل الاستراتيجية بوينغ بي 47 ستراتوجت برحلة متواصلة، دون توقف، نحو قاعدة بن جرير الجوية بالمغرب.
وأثناء هذه الرحلة الجوية التي قطعت خلالها الطائرات عادة مسافة تتجاوز 7 آلاف كلم، كان من المقرر أن تتزود قاذفة القنابل الاستراتيجية بوينغ بي 47 ستراتوجت مرتين بالوقود بالجو. إلى ذلك، جرت عملية التزود بالوقود الأولى بنجاح. وفي الأثناء، فشلت العملية الثانية بسبب فقدان الطائرة المحملة بالكبسولات النووية.
فعقب نزولها من الغطاء السحابي الصلب على بعد 144 كلم جنوب غرب وهران، كان من المقرر أن تتزود قاذفة القنابل الاستراتيجية بوينغ بي 47 ستراتوجت بالوقود على ارتفاع 14 ألف قدم. وبشكل مفاجئ، فقدت هذه الطائرة الاتصال بطائرة تموين الوقود بوينغ كي سي 97 “Boeing KC-97” واختفت دون أن يعثر لها على أي أثر.
على الفور باشر الأميركيون عمليات تمشيط ومسح جوي للبحث عن الطائرة المفقودة المحملة بالكبسولات النووية. إلى ذلك، لم تسفر عمليات البحث عن أي نتيجة حيث لم يتمكن الأميركيون من العثور على قاذفة القنابل الاستراتيجية بوينغ بي 47 ستراتوجت التي اختفت رفقة طاقمها المكون من ثلاثة أفراد وهم قائد الطائرة الكابتن روبرت هودجين “Robert H. Hodgin” والمراقب غوردون إنسلاي “Gordon M. Insley” وسائق الطائرة الملازم رونالد كورتز “Ronald L. Kurtz”.
وبينما نفى الأميركيون وقوع أي انفجار مؤكدين على اختفاء الطائرة ومحتوياتها بشكل مفاجئ، تحدث عدد من المحققين الفرنسيين عن حدوث انفجار بالطائرة بالشمال الشرقي لمدينة السعيدية المغربية.