محمد المدني
يقول أحد المعنيين بالملف الرئاسي، إن مسألة انتخاب رئيس الجمهورية باتت خارج التداول السياسي. حتى في الكواليس، لم يعد الموضوع يناقش بين النواب إلاّ على “الهامش”، وكأن الجميع موالاة ومعارضة سلّموا جدلاً باستحالة إتمام الإستحقاق الرئاسي قبل أن تنتهي الحرب هنا في لبنان وهناك في غزة.
التطور الوحيد على المستوى الرئاسي، هو أن عقدة النصاب لم تعد قائمة، وأصبح وصول أي مرشّح للرئاسة مرهوناً بحصوله على 65 صوتاً، وذلك لأن معظم الكتل النيابية لن تقاطع جلسات الإنتخاب حين عقدها بعد تعهّد الكتل أمام سفراء اللقاء الخماسي بالحضور.
إذًا، لا مانع من عقد جلسات انتخاب سوى أن الرئيس نبيه بري يرفض الدعوة، لعدم اكتمال المشهد السياسي والعسكري في المنطقة، ولحرصه على ضرورة التوافق لنجاح عهد الرئيس خصوصاً بعد تجربة العماد ميشال عون، إذ يسعى بري أن يؤمّن لمرشحه سليمان فرنجية أمرين ضرورين، وهما الحدّ الأدنى من التوافق الداخلي والحدّ الأقصى من الدعم الخارجي.
وبما أن معركة المرشحين باتت محصورة بالـ 65 صوتاً، هناك عدة مرشحين يمكنهم الحصول على الرقم المذكور، لكن بشرط أن يحظى المرشح بتأييد “الثنائي الشيعي” الذي بيده ورقة “الميثاقية”، وهذا ما يؤكد خسارة المعارضة لأي فرصة في إيصال مرشحها، أكان الوزير السابق جهاد أزعور أو غيره.
ومن هذا المنطلق، يجب على قوى المعارضة البحث جدياً عن خيار توافقي يتناسب مع واقع المجلس النيابي، إذ أن وقوفها عند نقطة قطع الطريق على فرنجية لن يأتي برئيس لها، وبالتالي، هي محكومة بأن تتحلّى بالواقعية والشجاعة للذهاب إلى خيارات أخرى تشكّل نقطة التقاء بين الطرفين في ما لو قطع “الثنائي” الأمل كلّياً في قدرته على إيصال فرنجية.
رغم يقين الجميع بأن لا رئاسة إلاّ بعد انتهاء حرب غزة والجنوب، فمن الثابت أن فريق “الثنائي” وحده، يتمتّع منذ الآن بجهوزية وبأوراق يمكنه الإستفادة منها لصالح مرشحه عندما تأتي ساعة الحسم، فيما المعارضة وباقي القوى لا يملكون سوى ورقة تعطيل فرنجية، متّكلين ربما على لجنة خماسية بيّنت المعطيات الأخيرة أنها في حالة عجز توازي حالة المعارضة.