على وقع تهديدات العدو بتنفيذ «ضربة غير تقليدية» ضدّ لبنان، ارتفع منسوب القلق محلياً، وزادت احتمالات تغيّر شكل الحرب في لبنان من اقتصارها على جبهة الجنوب حالياً، إلى تكرار مشاهد حرب تموز 2006. هكذا عاد مطار بيروت إلى دائرة الاهتمام، ولا سيما بعد بيانات شركة طيران الشرق الأوسط التي راوحت بين إلغاء الرحلات وتأجيلها، واللجوء إلى سياسة منع مبيت عدد من طائرات الشركة في مطار بيروت الدولي، بل ركنها ليلاً في قبرص وتركيا. كما أن عدداً آخر من شركات الطيران ألغى الرحلات إلى لبنان أو قلّص عددها أو عدّل في توقيتها… المهم أنه جرى تعميم القلق، وهو أمر ينطوي على جانب حقيقي مرتبط بالمخاطر المترتبة على حركة الطيران والإجراءات الاحترازية المرافقة لها، بينما في جانب آخر ثمة أصوات عدّة تقول إنه يتضمن مشاركة في التهويل والترهيب على لبنان.
فور اتخاذ شركة طيران الشرق الأوسط «ميدل إيست» الإجراءات الاحترازية، كرّت السبحة. فألغت «اللوفتهانزا» الألمانية رحلاتها من وإلى لبنان، وتبعتها «الخطوط الجوية الفرنسية»، ثم «الأردنية»، و«الإثيوبية» و«اليونانية»، وصولاً إلى تقليص الخطوط الجوية التركية عدد رحلاتها إلى لبنان. وعلى مقلب العدو أيضاً، ومع ارتفاع أسهم توسع الحرب، ألغت شركات طيران كبرى رحلاتها من وإلى «مطار بن غوريون» مثل «يونايتد، ودلتا، والأميركية، والطيران الكندي».
إجراءات الـ«ميدل إيست» ركّزت على نقل عدد من الطائرات التي تستأجرها من شركة صينية، إلى المطارات التركية. هذه الطائرات تعمل في النهار بشكل عادي وتحطّ في مطار بيروت، إلا أنه في ساعات الليل هي مركونة في تركيا أو قبرص. وتقول مصادر معنية، إن كلفة ركن الطائرة في أي من هذه المطارات لا تصل في حدّها الأقصى إلى 2000 دولار، بينما كلفة الزيادة في أقساط التأمين المترتبة على المخاطر المتعلقة بالحروب تتجاوز المليون دولار. لذا، إن ركن الطائرات في الخارج، يأتي في الإطار التجاري الصحيح. وبحسب مصادر الملاحة في المطار، فإن هذا الأمر يتم بشكل «كثيف، وغير مسبوق لناحية عدد الرحلات الملغاة وعدد الشركات التي علّقت رحلاتها إلى بيروت»، إلا أنه يمكن ربطه بـ«الخوف على الطائرات من أيّ تحركات معادية تستهدفها، والضغط الذي مارسته شركات التأمين على إدارة طيران الشرق الأوسط، ولا سيّما أنّ معظم هذه الطائرات لا تعود ملكيتها للشركة، بل مستأجرة بعقود طويلة الأجل»، لذا «كان من الأجدى نقلها إلى الخارج، وهذا ما قمنا به سابقاً بعد السابع من تشرين الأول من عام 2023 عند تصاعُد تهديدات العدو»، تقول المصادر.
لكن، هذه الحركة أسهمت بشكل غير مباشر بممارسة ضغط سلبي على الاقتصاد والمجتمع اللبنانيين، وهذا السلوك وفقاً لتفسير مصادر في المطار يتعلق «بمصالح شركات الطيران الخاصة وارتباطاتها السياسية في بلادها، فهي لديها هواجس وعلاقات تحكم تصرفاتها على الأرض»، إلا أنّ تحركات شركات الطيران في اليومين الماضيين أسهمت في الترويج لفكرة «إقفال المطار».
رغم ذلك، يؤكّد وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية أنّ: «المطار مفتوح»، مشيراً إلى أنه «لا علاقة لمنظمة الطيران الدولي IATA بما يجري اليوم على مستوى حركة الطيران في لبنان». ويقول إن «مجال صلاحية وزارته هو المطار، لا شركات الطيران التي لن يدافع عنها أو يذمّها»، رافضاً في الوقت عينه الدخول في سجالات صحافية في هذه اللحظة الحساسة. أما على أرض المطار، فأكّد موظفو مديرية الطيران المدني، كما العمال في عدد من الشركات الخاصة استمرارهم في القيام بأعمالهم من دون تغيير في جداول في الحضور. ولكن أكّد الموظفون «خوفهم، خاصة العاملين منهم على المدارج»، ولفتوا إلى وجود خطة طوارئ، إنّما «على الورق»، وفقاً لتعبيرهم، و«هي غير موازية لحجم التهديدات، إذ تحتوي فقط على نقاط التجمع في حالة الطوارئ»، لدرجة تأكيد أحد موظفي الطيران المدني عدم معرفته بكيفية التعامل مع طائرة في الجو في حال وقوع ضربة على المطار مثلاً.
فؤاد بزي – “الأخبار”