أخبار محلية

لبنان واتفاق غزة: مرحلة دقيقة بين حصر السلاح وترسيم الدور

خاص زحلة ديبايت:

لبنان واتفاق غزة: مرحلة دقيقة بين حصر السلاح وترسيم الدور

 

مع اقتراب إنجاز اتفاق غزة، تتجه الأنظار إلى لبنان الذي يجد نفسه مجددًا في قلب التحولات الإقليمية الكبرى. فالاتفاق، الذي يُتوقّع أن يُعيد ترتيب المشهد الأمني والسياسي في المنطقة، لا يمكن أن يمرّ من دون أن تكون للساحة اللبنانية حصة في مفاعيله، لا سيما على مستوى الحدود الجنوبية وملف السلاح غير الشرعي.

 

منذ اندلاع الحرب على غزة، ارتبط الميدان اللبناني بجبهة الجنوب ارتباطًا مباشرًا بجبهة غزة، سواء من حيث التصعيد أو من حيث الرسائل السياسية المتبادلة. واليوم، ومع الحديث المتزايد عن تسوية شاملة تشمل غزة والضفة والحدود الشمالية لإسرائيل، يصبح السؤال المطروح: ما هو دور لبنان في المرحلة المقبلة؟

 

الجواب لا يقتصر على الموقف الرسمي، بل يتعداه إلى كيفية إدارة ملف السلاح، وخصوصًا سلاح “حزب الله”، الذي يشكل العقدة المركزية في أي تسوية مستقبلية. فإسرائيل، التي أظهرت خلال الأشهر الماضية رغبة حاسمة في تغيير قواعد الاشتباك شمالًا، قد تسعى إلى ربط أي وقف نهائي لإطلاق النار في غزة بترتيبات أمنية صارمة على الجبهة اللبنانية. هذا يعني أن ملف نزع السلاح أو على الأقل حصره بيد الدولة قد يُطرح على الطاولة بقوة، ليس فقط من قبل إسرائيل، بل أيضًا من قبل الولايات المتحدة وأطراف عربية معنية بالاستقرار الإقليمي.

 

أما لبنان الرسمي، فسيكون أمام معادلة دقيقة:

من جهة، حماية سيادته ومنع تحويله إلى ساحة لتصفية الحسابات.

ومن جهة أخرى، الانخراط في مسار تفاوضي يضمن استقراره ويعيد الاعتبار إلى دور الدولة ومؤسساتها، خصوصًا الجيش اللبناني.

 

في هذا السياق، لا يمكن تجاهل أن المجتمع الدولي والعربي ينظران إلى لبنان اليوم باعتباره “الجبهة القابلة للانفجار أو للضبط”. أي أن نجاح اتفاق غزة لن يكتمل من دون ضمان هدوء مستدام على الحدود اللبنانية، وهذا بدوره يتطلب مقاربة جدّية لمسألة السلاح، سواء عبر تطبيق القرار 1701 فعليًا أو عبر آليات جديدة أكثر صرامة.

 

المرحلة المقبلة لن تكون سهلة. فالضغوط الإسرائيلية قد تتخذ شكل عمليات محدودة أو تهديدات عسكرية لإجبار لبنان على التفاوض غير المباشر، فيما سيحاول الداخل اللبناني التوفيق بين موازين القوى الداخلية ومتطلبات الاستقرار.

 

لكن ما هو واضح أن زمن المراوحة انتهى. فالاتفاق في غزة سيفتح الباب أمام مرحلة سياسية وأمنية جديدة في المنطقة، ولبنان لن يكون بمنأى عنها. عليه أن يختار: إما أن يكون طرفًا فاعلًا يرسم شروطه الوطنية، أو أن يُفرض عليه الدور من الخارج.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى